فكسونا العظام لحما

سألتني ابنتي عن شبهة وجدتها في الانترنت تزعم وجود خطأ في اية المؤمنون 14 “فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا” فقالوا ان كان هذا الكلام صحيحا فلماذا لم نرى جنينا يسقط على هيئة هيكل عظمي؟ وقالت ابنتي هناك ردود على هذه المزاعم ولكنها طبية بحتة ولم تفهمها, فأردت ان اضعها بشكل مبسط ليفهمه الجميع. وايضا سألتني ابنتي ماذا عن معنى آية البقرة 259 ” وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً”.

1- من المعلوم ان كلام القرآن بليغ, وفكه يحتاج الى عالم لغة وعلماء من كل صنف من علوم الاحياء المختلفة وعلوم الارض وعلوم الفضاء ….الخ
وهذا ليس بالامر الهين … ولعل ذلك كان مقصودا من الخالق لان الاصل هو الايمان او التسليم بان خالق الكون واحد … قادر على كل شئ ولا شريك له, اي ان هناك ارتياب في كلمات يفهمها الانسان الاعتيادي لا تنسجم مع افكاره مثلا (وهذا مجرد ملحوظة خارج نطاق بحثنا, عندما يقول الخالق  ” تبارك الله احسن الخالقين ” فهل هناك خالقين اخرين ؟… الايمان لا يؤيد ذلك مطلقا ولست مهتما بذلك باعتباري غير مدرك المعاني اللغوية لهذه الجملة) .

2-  لو قرأت اية 14 من سورة المؤمنون” ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ”  لوجدت تسلسل نمو الجنين بوضوح وخاصة وقت تكون اللحم, هل يمكن تكون عضلات دون ان يكون لها عظم ترتبط به, فالعظام تبدأ بتنسيق خلايا حشوية تتراصف في اماكن العظام المطلوبة وحسب الاوامر التي في جيناتها بين الـDNA  في النواة والـ RNA في السايتوبلازم وتبدأ  بتكوين غضاريف في امكنة العظام ثم تظهر مراكز معينة من خلايا عظمية  لوضع اللبنة الاولى للعظام المستقبلية  , خلال هذه الفترة تقوم خلايا حشوية اخرى مغلفة العظم الذي سيكون, بالتغير الى نسيج لحمي وهو العضلات وما يكتنفها من اعصاب  واوتار وشرايين واوردة يدا بيد في النمو مع العظم والسؤال الابدي من يكون الاول بالظهور في الجنين العظم ام العضلة ؟ هو كالسؤال هل ممكن ان تبني سقفا لغرفة دون جدران؟ اقول ان ما سوف يكون عظما سيسبق ما يبدأ ان يكون عضلة هذا كل ما هنالك ومن الممكن شرح ذلك علميا (استعمال الات توضح حتى الالكترونات في النمو) لان الجنين سيكون وليدا وبعده يكون طفلا ثم  فتى ثم شابا, والعظام والعضلات في طور الاكتمال وبعد ذلك سيكون العظم قد اكتمل وكذلك العضلات

3- الآية:  259 (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَم أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة 
انها قصة  الشخص الذي تعجب كيف يستطيع الله ان يعيد قرية خربة الى ما كانت عليه بعمارتها واحيائها ومجتمعها واهلها 
فاماته الله مائة عام ثم اعاده الى الحياة, واراد الله ان يجعل هذا المرتاب ان يرى كيف يعيد الله الموتى الى الحياة فبدأ باعادة طعام وشراب الشخص الى ما كان عليه اولا ثم جعله ينظر الى  مراحل تجميع وتشكيل واكمال العظام وتشكيل العظام المتناثرة على الارض او في التراب ليشكل الهيكل العظمي للحمار ثم كساه باللحم والجلد ونفخ فيه الحياة والرجل ينظر ذلك بام عينيه. العملية ليست خلق ولكنها تجميع يخدم ما اراد الله  ان يوصله الى هذا الشخص والى كل متشكك بقدرته واليهود معروفون بالشك والمناقشة والتمنع عن كل ما لا يرونه من مصلحتهم الحياتية (قتلهم الانبياء – مجادلة الله – وطلباتهم الغير ضرورية) قيل ان هذا الشخص هو يهودي وقد يكون النبي عزير .

4- كل قصة في القران تخدم غرضا وارجو ان يكون فهم القران على هذه الشاكلة ولا ريب ان يجد اخرون ولو بعد حين تفسير اوضح.
من الممكن كتابة مقال على نفس ما جاء اعلاه بتفاصيل علمية ولكني لا ارى فائدة تذكر سوى تذكرة لما اراد الله للناس من فائدة لذكر هاتين القضيتين ,واحدة علمية والاخرى غيبية.
وهكذا هو القران لا يذكر شيئا الا و كان في اصوله ايصال معلومة الى البشر يحثه على اقتناصها والبناء عليها بالبحث والتقصي والتوصل الى افاق من المعرفة توصل الانسان الى كنه الخالق.

«العودة