قصيدة عن لوحة الموصل
العناق بين لوحة فنية للدكتور سالم مجيد الشماع وقصيدة شعرية لغانم العناز
لوحة الموصل للدكتور الفنان سالم مجيد الشماع
الموصل هي الحدباء وهي ام الربيعين..زهرة في عيون اهلها..حلم يراود من اغترب عنها ..اصيلة في حضارتها ,عميقة في تراثها ,متألقة في ثقافاتها ,افذاذها كثيرون في العلم والمعرفة والبحث والفن. وجه الثور المجنح بلحيته المنسقة, ثم منارة الحدباء وهلالها مع عدد من مزخرفات ملونة تاخذ مكانها اصلا على سطح المنارة , وتكتمل اللوحة بجزء علوي من برج كنيسة اللاتين بساعتها الشهيرة في محلة الساعة. الثور المجنح تمثال طوله 4,43 متر ويزن اكثر من 30 طنا منحوتا من الصخر من اعمال مملكة اشور–وعصر اشور ناصربال الثاني 883-859 ق.م وكان يضع تمثالين منه على بوابات القصور الملكية والمعابد والمعاهد. اما منارة الحدباء الشهيرة المبنية في ركن الجامع النوري (بناه نورالدينالزنكي ) في القرن السادس الهجري , وهي الجزء الوحيد الباقي في مكانه من الجامع , وقد مالت الى جهة الشرق , مهددة بالسقوط بسبب المياه الجوفية في المنطقة. قسمها الاسفل منشوري والاعلى اسطواني مقسم بسبعة اجزاء كل جزء فيه مزخرفات خاصة به ,ومن داخل المئذنة سلمان منفصلان احدهم للصعود والاخر للنزول ويلتقيان عند حوض اعلى المئذنة ثم الساعة الموصلية …. مبنية على ارض كنيسة اللاتين وهي احد معالم مدينة الموصل انتهى بناؤها في 1866 واكتمل برجها في 1882 وفيه ساعة هدية من زوجة نابليون الثالث في 9 نيسان 2008 تعرضت لاضرار بليغة من انفجار ادى الى تدمير ساعتها ونزح مسيحيوا محلة الساعة خارج الموصل بضمنهم آخر راعي للكنيسة بعد ان استهدفهم الارهابح
كتب المهندس غانم العناز تعليق حول هذه اللوحة فقال:
قصيدة مهد الحضارة لغانم العناز
لقد احسن اخي الدكتور والاديب والفنان سالم الشماع التعبير عن لوحته الجميلة (لوحة الموصل) فيها التاريخ المجيد بصورة الثور المجنح الذي عبر عن الحضارة الآشورية اضافة للحضارات التي قامت قبلها في العراق كالسومرية والبابلية لتتصدر المرتبة الاولى بين الحضارات العالمية الاخرى بلا منازع حينما اطلق عليه علماء الآثار (مهد الحضارة)
(The Cradle of Civilisation)
كما ان منارة الجامع النوري في لوحته التي عرفت بالحدباء فتعبر خير تعبير عن الحضارتين الاسلامية والعربية. فقد وقفت بقامتها الممشوقة ما يقارب 850 سنة تباهي بحسنها وجمالها وثياب عرسها الذي طرزته انامل الفنانين العرب بالزخارف الجميلة. تلك الزخارف التي انتشرت في جميع انحاء العالم الاسلامي والعربي لتعبر مضيق جبل طارق الى الاندلس ومضيق البسفور الى القسطنطينية والعديد من مدن البلقان اضافة الى مالطا. لتبهر بذلك علماء الآثار واساتذة العمارة في اوربا قديما وحتى يومنا هذا والتي اطلقوا عليها اسم الارابسك كفن من الفنون العالمية الجميلة الشامخة
(Arabesque)
اقول لقد وقفت الحدباء بوجه العواصف ووالامطار والثلوج والغزاة والاعداء واستمرت بالوقوف على مدى ثمانية قرون ونصف بالرغم من احدودباء ظهرها واشتعال رأسها شيبا الى ان اقدم شذاذ الآفاق داعش المجرمين الذين لم تسلم من حقدهم الماحق ليفجروا قامتها الممشوقة في ليلة القدر من شهر رمضان 1438 حزيران 2017 لتبقي كرسيها او قاعدتها تشهد على اصالتها وشموخها وعلى اجرامهم وتخلفهم ووحشيتهم.
كما انهم قد هدموا وفجروا قبل ذلك كل ما هو جميل ورائع وزاهي واثري وحضاري في مدننا التي وقعت تحت سيطرتهم ليوشحوها بالكآبة والسواد.
فقد اصبحت الموصل ام الربيعين ، التي تتباهى بحسنها وجمالها وحضارتها وربيعيها ،موشحة بالسواد ليصبحن نساءها كالاشباح في ثيابهن السوداء الكئيبة الفضفاضة السوداء ويغدوا شبابها الذين في ريعان العمر والزهو والاناقة شبه شيوخ بلحاهم الكثة وارديتهم الفضفاضة وتشيب رجالها من مما قاسوه من مرارة العيش وكآبة الجو الخانق للحريات الممزوج بالقهر والقسوة المفرطة ليبدو شيوخ بلحاهم الكثة وازيائهم غير الانيقة ويحرم الاطفال من مدارسهم ولعبهم ومرحهم وشقاوتهم المحببة ليلقنوا بدلا عن ذلك فنون القتل والتعذيب والكذب والتجسس على اهلهم وجيرانهم.
كما ان العناق بين منارة الحدباء وبرج كنيسة الساعة في (لوحة الموصل) يدل على ان العراق كان موطنا للانبياء ومهبطا ومهدا للديانات التي تعايشت مع بعضها منذ آلاف السنين.
وقد وجدت ان هناك تشابها كبيرا بين ما تشير اليه (لوحة الموصل) لاخي الدكتور والاديب والفنان سالم الشماع من المعاني التي مر ذكرها اعلاه وبين قصيدة لي كنت قد كتبتها من عدة سنوات بعنوان (مهد الحضارة) التي ادرجها ادناه.
مـهــد الـحـضـارة
غـانـم الـعـنّـاز
جلستُ أرنو إلى ما حَـلّ في بـلدي…..ذاكَ العراقُ الذي ما غابَ عن خَلَدي
ذاك الحبيبُ الذي قد ذابَ في مُهَـجٍ…..حتى غدا راسخـًا بالعـقـلِ والجـسـدِ
عَـرفـتُـهُ رافـعًـا رأسًـا بلا خـطَـلِ…..ومُسْعِـفاً شعــبَهُ إنْ ضيـمَ من أحــدِ
مَهـدُ الحضارةِ يا مَنْ عـلّـمَ الأمـمَ…..كـتابة الحرفِ واسـتـنـساخـهِ بـيـدِ
سَـنَــنْـتَ أوّلَ قـانــونٍ بـلا جَــدلٍ…..لِــتـنـشُـرَ العَـدلَ بيـنَ الناسِ للأبــدِ
عَـجـائـبُ العالمِ مـنهـا جَـنـائـنُـكَ…..ممدودة الظـلّ فـي يُـسـر ٍ وفي رَغـدِ
وعـدتُ أصغـي لعـلّـي أسـمعُ فـرَحًــا…..فـلـمْ أجـدْ غـيـرَ ما يُـدمي منَ الكمـدِ
مضت ثـلاثـونَ عاماً انت في صَخبٍ…..تُـصارعُ الشـرَّ يـأتـيـنا بلا رصــدِ
فلـم أرَ غـيـرَ حَربٍ لم تكنْ هَـمَـدتْ…..إلّا وقد هاج غَـزوٌ طالَ في الأمــد
حوصرتَ في حينهـا من ناقـمٍ نـزقٍ…..ليُـهلـكَ النـسلَ عنْ قـصدٍ ومنْ حَسَـدِ
خيـراتُـنا أصبحتْ نهـبًـا بلا رَصـدِ…..وأرضُنا مُـنحـتْ حـقـلا ً لِـمنْ يَـفِـــدِ
وأهـلـنا هـُجّـروا قـسْرًا بلا سَـبَـبٍ…..وشعـبُـنا أصبـحَ صَيـدًا لِـمنْ يـصِـدِ
آثـارنا سُـرِقـتْ مِنَ الـغُـزاةِ ضُحى…..لـتـنـتهـي سِـلعـة ً في دارِ مَنْ يَــزِدِ
فارقـتـكَ مُـرغـمًا لا طالـبًـا طـمَعـاً…..كي أرجـعَ بـعـدَ أنْ تَــشفى منَ الأوَدِ
طال انـتظاري وما خفّـتْ مَصائـبُـكَ…..ها أنـتَ ذا سِــلعـة ً للساسـةِ الـجـد دِ
وعُـدتُ أزجرُ نـفسي صائحًا عَـجَـبٌ…..كـنـتِ التي تـنصحـيـنَ الناسَ بالجَـلـدِ
تـفـاءَلي وانـشُـري ما بـيـنـنــا أمَـلا ً…..أنــتِ الـتـي دائـمًـا تـدعـيـنَ للـرَشــدِ
واتـفـورد – ضواحي لندن
تشرين الثاني 2010
هذا ويسعدني ان ادرج ادناه تعليقين لي على لوحات اخي الدكتور الفنان سالم لتكتمل الصورة
اخـي ابـا نـمـيـر رعـاك ربّيَ الـمـنـــانْ
شكـرا لـتهانـيكَ في عـيـدٍ وفي رمضانْ
وبـارك الله فـيـك مـن طـبــيـبٍ للابــدانْ
واخٍ اديـــــبٍ بــــارعٍ وفـــــــنــــــــانْ
وقـدوتـي فـي إخــلاص وفي إحـســـانْ
وفــي مــحـــبـــةٍ وصــلـــةٍ للـــخـــلانْ
يا من يـنـتـقـي كلـماته مـن الـمـرجـانْ
ومـن درٍ ويـــاقــــوتٍ وريـــــحــــــانْ
لـيـصـوغـهــنًّ قــلائــدا وتـــيــــجــــانْ
يَـلِـقـنَ بـأحــبـةٍ من صـفــوةٍ الاعــيـانْ
يـكـنّـون لـه صـفـاءً خـالـصا وتـحـنـانْ
يـلـيـــقُ باديــبٍ وارف الاغـــــصــــانْ
ســريــع الــبــديـهـة عـالـيَ الـبــنـيــانْ
مـرهـف الحس رساما رشيــق الـبـنـانْ
*****************************
وقد قلنا فيك يا عزيــزي من زمنْ
يـا مـن أجــــاد فـي عــلــم وفــــنْ
وزان ذلــــك بـالــخـلــق الـحـسـنْ
لـوحـاتـك عـنـدي لا تـقـدر بـثـمـنْ
لك عـندي مـودة في سـر وعـلــنْ.
وجـزاك الله عــنــا بـجـنات عــدنْ
كما ادرج ادناه تعليق الدكتور سالم على التعليقين اعلاه
حقا لقد اخجلتني بما قلت عني وكتبت …فانا لا ارى نفسي كما تراني….ولكن الاناء بما فيه ينضح.. فكل ما تكتب وكتبت فانما هي من صفاتك…ورياحينك اذ تفيض على ما حولك وعلى من تحب ويحبونك….جزاك الله خيرا عني وادامك ذخرا لمحبيك وجعلك جسرا لمريديك…فما احسن ما تقول واروع ما تشعر…..عزيزي الغالي ابا القاسم…..اخوك سالم الشماع
أخي وعزيزي ابا نميرأنت اهل لكل كلمة قلتها بحقك فما :
أروع اخوتك
وابدع محبتك
واحلى قرابتك
وازكى صداقتك
واعلى مكانتك
واطيب اخلاصك
واجمل اخلاقك
واصدق افعالك
عزيزي نحن بامس الحاجة الى رجال من امثالك ممن خدموا بلدهم باخلاص وامانة وساهموا في نهضته
بعلم غزير
وادب رفيع
وفن جميل
وعمل جليل.
رعاك ربي وحفظك وسدد خطاك.
اخوك غانم