شئ من الفلسفة في الحياة ..

عشت كثيرا .. سنين عديدة اكثر مما كنت احلم به ..ولا زلت متعلقا بالحياة..ولي سبب قوي لذلك ….احس به ويدور في عقلي, واشعر اني متعلق به، وهو ان ارى احفادي يكبرون يوما بعد يوم وسنة وبعد اخرى, مثلما قد كبر اولادي ولكن ذلك ليس كل شئ فمن آن لآن تعتريني افكار اود ان ابوح بها للاخرين كما يفعل كثير من الاشخاص الذين يكتبون عن انفسهم او تجاربهم ويحاولون تحليل مواقفهم وتصرفاتهم وكذلك تحليل سلوك الاخرين تجاههم.. وهم بهذا يحاولون تعرية انفسهم وافكارهم، وقسم من هذه المواقف والتصرفات نجد – نحن الشرقيون – فيها اشياءً لا يمكن تقبلها لما فيها ما يخدش الحياء، او ان فيها ما لا نستسيغه او نقبله في مجتمعنا بينما كتاب المجتمع الاوربي او الامريكي – اقصد المجتمعات المتحررة – نجد ان واحدهم يضع افكاره وما يخطر بباله في ما يكتبه في الصحافه والاعلام المرئي المباشر دون كذب او مواربة،وهو امر اجد فيه – ككل الشرقيين- كثير من الجرأة والصراحة التي تمنح المعرفة زيادة حقيقية لما يعتمل في العقل البشري والتي تؤدي حتما الى تطوير العقل وافكاره وتؤدي الى فتح افاق جديدة في ابواب العلم لتطوير المجتمع لعله يصل الى درجة التكامل السليم دون احتراب أو اعتداء على الاخرين (يقترب هذا الكلام من جمهورية افلاطون الطوبائيه).

من المعلوم ان عددا ليس بقليل من كتاب المشرق العربي امثال نجيب محفوظ وطه حسين وتوفيق الحكيم ..قد كتبوا في هذا المجال على لسان شخوص رواياتهم …. الم يكن من الافضل ان كان هؤلاء قد كتبوا عن افكارهم وسيرتهم وتحليل ما يعتمل في عقلهم في شؤون الدنيا والمجتمع وبصراحة تامة, ووضعوا جانبا الخوف من ما قد سبب لهم الاحراج ومما اصابهم من تهجم على ما كتبوا من كثير من معارضيهم .. اقول نحن الشرقيون كما هم الغربيون لهم سلوك عاطفي وجنسي متشابه، والفرق بينهم هو ان المجتمع الغربي لا يأبه كثيرا في نشر افكارهم مهما كانت امام اعين وسمع المجتمع، وان اخفاؤها يحد من العيش بصورة طبيعية دون ان تؤدي الى  اصابتهم باعتلال الشخصية ..

وهنا اذكر انني كنت قد قرأت مخطوطة (كتاب جوامع اللذة) لمؤلفه ابي الحسن بن نصر الكاتب (عاش في القرن الرابع  او الخامس الهجري) وهو كتاب موجود في مكتبة المجمع العلمي العراقي ..وددت ان احققه، وبصدق كبير فقد قرأته بامعان واعدت قراءة بعضا منه ..وقررت بعدها انني لن استطيع القيام  بتحقيقه والتعليق عليه لأنه بصراحة يبحث بإسهاب شديد بمعاني ومفردات كلمات شديدة الوضوح ووصف دقيق للاعضاء التي تدعو للاثاره, وتشريحها السطحي والوانها وتعداد اسمائها وفروقاتها في مختلف الاعمار، ثم وصف المواقف الحميميه وانواعها، وفيه نكات فاضحة لم تخطر على بال انسان او على الاقل ببالي….

لننظر الى هذا الكتاب التراثي من جانب اخر..الا يدل على مدى الانعتاق الفكري والحرية ليس بابداء الرأي فحسب ولكن في الكتابة عن موضوع الجنس بكافة جوانبه بموضوعية وصراحة لا مثيل لها في اي كتابات سبقت وقد كتب في ظل مجتمع اسلامي بحت وفي اروع ايامه وأوج حضارته ..

فما لنا ونحن ما زلنا مجتمعا اسلاميا نربأ بانفسنا عن ذكر حقائق الجنس ونخفيه حتى عن زوجاتنا ونخجل – رجالا ونساء- بمناقشة امور الجنس ونخفيه عن اولادنا واحفادنا معتبرين ذلك من سوء الخلق ومن محرمات الدين الاسلامي الحنيف والاسلام براء من ذلك ..الاسلام يدعو بشدة الى البحث العلمي الدقيق المتواصل والتطوير والاكتشافات وكيف يكون ذلك ما لم نرفع الحجر عن العقل وعن مناقشة اي قضية فيها غموض واجراء البحوث عليها.. نعم يجب ان نطلق العنان للعقل ليتسنى للمجتمعات ان تتقدم وفق الاسس الانسانية الحقة واعطاء كل انسان حقه في الحياة كما ينبغي.الم يقل المفكر الاسلامي الازهري محمد عبده :لا يجب ان يحجم العقل.

أعود فاقول ماذا لو انني كنت قد حققت كتاب جوامع اللذة .. هل يستقبل المجتمع الحالي عندنا المعلومات التي فيه بصورة طبيعية ..!؟ اعتقد ان الاستنكار الشديد سوف يجابه الكتاب..وسيكون نصيبي كثير من مشاعر الغضب واللوم ولست ادري ماذا سيكون رد فعل الشباب الصغار فكثير منهم يبحثون عن الحب والعاطفة ولكن بعيدا عن البوح به .. ان الثقافة الجنسية والحب شيئان طبيعيان ومعرفتهما بوقت مبكر يؤدي الى نشوء مجتمع مترابط بعائلات سوية قوية التماسك بعيدة عن الرذائل، وكثير من التجاوزات الاخلاقية والجنسية.

ان كبت الاحاسيس والمعلومات الجنسية بما فيها تشريح الاعضاء التناسلية ودقائق المشاعر الحسية المترافقة بها، وفيزيولوجيا الجنس ووظيفة الجهاز التناسلي وامراضه واعراضها ومشاكلها مع الالتزام الاخلاقي وعدم التمادي في تصرفات وسلوكيات خاطئة, (والاخيرة قد تؤدي الى مضاعفات نفسية واجتماعية تؤثر على سلامة الشخص والمجتمع). وعندها سنحصل على اناس اسوياء يؤدون دورهم في الحياة بعيدا عن تدخل الجنس في  تفكيرهم ويعملون بطاقات ووتيرة عالية وينتجون ويبدعون في كافة المجالات في الحياة .

د.سالم مجيد الشماع

 

«العودة

 


التعليقات :

  1. عمرو سالم الشماع يقول:

    السلام عليكم جميعآ

    في رايي المتواضع و من غير مجاملات لأنه سيكون رأيي حتى لو كان الكاتب شخص آخر …فان هذا المقال من أجمل ما قرأت و من أعمق ما قيل في هذا الموضوع و أعتقد أنه يجب أن يكون سلسلة من المقالات لتغطيه جوانب أخرى أقرأها بين السطور المختصرة للكلام الذي يدور في خلد الكاتب (لعلي لأنني أعرفه أكثر من أي شخص عادي سيقرا المقال).وختامآ أدعو للوالد والوالدة الغاليين بطول العمر المنتج و المثمر و بالخير و الحسنات و رضا الله و الصحة و العافية.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

 


 

هل لديك سؤال أو تعليق؟



يتم أبدا نشر البريد الإلكتروني الخاص بك